خلص تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، الثلاثاء 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بناءً على تحليل أجراه خبراء بشأن الهجوم الذي استهدف مستشفى الشفاء، حيث يلجأ إليه آلاف النازحين في غزة، إلى أن صور شظايا القذائف التي جُمعت من الموقع، تشير إلى أن 3 قذائف على الأقل من تلك التي أصابت المستشفى كانت ذخائر إس۱رائيلية، بعد أن اتهم الاحتلال المقاومة الفلسطينية باستهداف المستشفى عن طريق “الخطأ”.
وحلَّقت قذيفة فوق أكبر مجمع طبي في قطاع غزة وسقطت في وسط باحة مستشفى الشفاء، الذي لجأ إليه آلاف النازحين، حيث سقطت القذيفة على بعد بضعة أمتار من أحمد حجازي، وهو شخص معروف على وسائل التواصل الاجتماعي، ينشر مقاطع فيديو توثق أخبار المحرقة الإسرائيلية في غزة، وقد أظهر مقطع الفيديو الذي التقطه حجازي القذيفة وهي تتطاير، ثم رجلاً يصرخ ألماً وقد انقطعت ساقه بعد أن أصابها اصطدام القذيفة.
كانت هذه أول ضربة من 4 ضربات على الأقل استُخدمت فيها ذخائر متعددة في الهجوم على أقسام مختلفة من المجمع المترامي الأطراف، بين الساعة 1 صباحاً و10 صباحاً الجمعة. وقال مدير مستشفى الشفاء الدكتور محمد أبو سلمية، في اتصال هاتفي، إن هذه الضربات أسفرت عن مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.
تحقيق يدحض رواية الاحتلال
بعد ساعات من الانفجار الأخير اتَّهم جيش الاحتلال الإسرائيلي مقاومين فلسطينيين، لم يُحدد هُوياتهم، بأنهم هم من استهدفوا قواته المنتشرة حول المكان بـ”قذيفة أخطأت هدفها” وأصابت المستشفى.
فيما ترجِّح الأدلة التي حصلت عليها الصحيفة الأمريكية أن الضربات التي تعرض لها مستشفى الشفاء كانت ناتجة عن قذائف إسرائيلية، وإن لم يتبين للصحيفة ما إذا كانت هذه الضربات عن قصد أم لا.
ولم تقتصر الأدلة التي فحصتها الصحيفة على صور بقايا القذائف، بل إن تحليل لقطات الفيديو يشير إلى أن 3 من القذائف التي أطلقت على المستشفى جاءت من الشمال والجنوب، خلافاً للمسار القادم من الغرب الذي زعم جيش الاحتلال أن القذائف جاءت منه في خريطة نشرها، وادعى أنها مبنية على فحص راداري لاتجاه القذائف. وأظهر تحليل الصحيفة لصور الأقمار الاصطناعية إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلية كانت منتشرة في مواقع شمال المستشفى وجنوبه في الساعات الأولى من يوم الجمعة.
مسشتفى الشفاء غزة الاحتلال
وقالت الصحيفة الأمريكية إن الأدلة التي حلَّلتها لا يبدو فيها أن الضربات استهدفت بنية تحتية تحت الأرض. بل إن أقوى ضربتين من هذه الضربات أصابت الطوابق العليا التي تحتوي على قسم الولادة في المستشفى.
فيما رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق على الأدلة التي قدمتها صحيفة The New York Times الأمريكية. وادعى أن القوات الإسرائيلية تخوض معركة حامية الوطيس في مواجهة حماس، و”بسبب النشاط العسكري الجاري حالياً لا يمكنه الرد على استفسارات محددة أو تقديم إجابات مؤكدة”.
محللون يفسرون ما حدث!
القذيفة الأولى التي صورها حجازي في فناء مستشفى الشفاء التقط صورها أيضاً صالح الجعفراوي، وهو شخص مقيم في غزة ومعروف أيضاً بمنشوراته واسعة الانتشار على إنستغرام، وكان يخيم في المستشفى منذ أسابيع. وقد أجرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحقيقاً مستقلاً وموسعاً للصور والمقاطع التي نشرها الجعفراوي من هناك.
وأكدت مراجعة البيانات الوصفية لمقطع الفيديو الذي نشره الجعفراوي، أنه صوَّر المشهد بُعيد وقوع الغارة مباشرة. واطلعت الصحيفة الأمريكية على مقطع آخر صوره الصحفي الغزاوي معتصم مرتجى من موقع الحادث. وتتطابق مقاطع الجعفراوي مع الصور والمقاطع التي التقطها مرتجى وحجازي، وتتوافق كذلك مع الشهادات التي رواها مدير المستشفى وخبراء الأسلحة وشهود آخرون.
وخلص مارك غارلاسكو، وهو محلل استخباراتي بارز عمل في السابق بوزارة الدفاع الأمريكية، إلى أن المقذوف الذي أصاب المستشفى في مقطع الفيديو هو قذيفة مدفعية إسرائيلية تستخدم عادة لتحديد الأهداف في الليل. وأيده في ذلك ريتشارد ستيفنز، وهو جندي سابق في الجيش البريطاني، يعمل في مجال التخلص من الذخائر المتفجرة، إذ ذهب في تحليله إلى أنها قذيفة إنارة، واستدل على ذلك بعدم وقوع انفجار شديد عند ارتطام القذيفة بالأرض.
وقد تعرض المستشفى للقصف بقذائف التي أصابته هذه المرة كانت متفجرة، واخترقت جدار الطابق الخامس من مبنى الولادة بالمستشفى. وأظهر مقطع فيديو التُقط بعد القصف مباشرة بطانيات وكراسي وأحذية متناثرة في جميع أنحاء الغرفة. واشتمل الحطام على زعانف معدنية قال غارلاسكو إنها بقايا قذائف دبابة من عيار 120 مليمتراً، الذي تستخدمه القوات الإسرائيلية، ولا يتوفر لدى مقاتلي المقاومة الفلسطينيين، الذين ليس لديهم دبابات. وأشار إلى أن الضرر الذي لحق بالغرفة “يتوافق تماماً مع الأضرار التي تُحدثها قذائف الدبابات من عيار 120 مليمتراً”.
وقد تثبتت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية من أن هذه القذائف أطلقت في الغالب من مكان يقع جنوبي المستشفى، وهو ما يتعارض كذلك مع البيانات التي وردت في الخريطة التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الدكتور أبو سلمية، مدير المستشفى، إن القذيفة قتلت رجلاً يبلغ من العمر 61 عاماً، وأصابت امرأتين.